dimanche 28 juillet 2013


سوريون   مصريون* 

بدرالدين   عرودكي
 

أعترف أنني صدمت يوم عرفت أن السلطات المصرية رفعت من جديد بعد هدمِهِ منذ زمن طويل جدار الحصول المسبق على سمة الدخول أمام السوريين. ليس الخبر عادياً، ولا يمكن أن يمرّ من دون أن يترك جرحاً ينزف في النفس حسرة وألماً

وأقول في نفسي: إنه إجراء مؤقت أملته الظروف التي تعيشها مصر الآن. وأقرأ بياناً يؤكد ذلك صادراً عن السلطات المصرية. لكن بعض الأصوات الإعلامية البذيئة أنستني كل ذلك حتى تساءلت: أهذه مصر؟

 لا. قطعاً لا.
عندما لجأ السوريون إلى مصر استقبلوا فيها استقبال الأخوة والأقارب وأبناء العم. شعروا من فورهم أنهم، كما توقعوا، بين أهلهم وعشيرتهم. ذلك ما كنت أشعر به على الدوام، مثل كل سوري، كلما حللتُ زائراً بأرض مصر، فرحاً بها وبأهلها.

مّنْ غير السوريين أدرى بمصر وبالمصريين وهم الذين تقاسموا ويتقاسمون معهم السراء والضراء، والنصر والهزيمة، والاحتلال والاستقلال، والفرح والحزن، منذ تحتمس الثالث كما كتب أحمد النجار وحتى اليوم؟ وهل كان سليمان الحلبي كما كتبت صديقة مصرية يتدخل في ما لا يعنيه حين قتل في مصر الجنرال كليبر، أو عندما فجَّر عمال سورية أنابيب النفط إبان العدوان الثلاثي؟ ألم يكونوا جميعاً جنباً إلى جنب في مواجهة المُعتدي؟

مصر، مصر كلها، تعنينا. تعني كل جوارحنا. ما يؤلمها يؤلمنا، وما يصيبها يصيبنا، ولا خيار لنا في ذلك. ما يحدث في مصر يقلق السوريين في ثورتهم التي يعيشونها. ذلك أمر طبيعي. فألق الثورة المستمرِّ في مصر يؤجج عزيمتهم في ثورتهم التي تتكالب عليها حثالات التاريخ والأنظمة والأيديولوجيات..

لم يكن في خاطر السوريين الذين جاؤوا إلى مصر لاجئين إليها كي يأمنوا شر القتل والاغتصاب وسحق الكرامة أن يخونوا مضيفيهم. ولو فعل بعضهم لكان طبيعياً أن يقع بلا هوادة تحت طائلة القانون.

ليس من الطبيعي أن يؤخذ السوريون جميعاً بجريرة بعض ضعاف النفوس منهم كائناً من كانوا. وليس من الطبيعي أن ينتهز بعض ضعاف النفوس من المصريين الفرصة كي يمتهنوا البذاءة على الشاشات ضد قيم مصر التاريخ والحضارة.

أعرف حق المعرفة أن الشعب المصري أنبل وأعرق من أن يسمح لهؤلاء وهؤلاء أن يشوّهوا علاقة نسجها التاريخ على امتداد آلاف السنين. ولابد لهذا الجدار من أن يهدم من جديد كي يستطيع السوريون أن يدخلوا مصر إن شاء الله من جديد آمنين.  

 

* نشر في الأهرام العربي، القاهرة، السبت 20 تموز/يوليو 2013

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire