mercredi 7 décembre 2016




حول إعادة الترجمة
سارة عابدين/ بدرالدين عرودكي
العربي الجديد

* تظهر مع الوقت ترجمات جديدة، للكثير من الأعمال الكلاسيكية. تتغير الترجمة مع الوقت، لتعكس لغة وأسلوب الوقت التي تتم فيه، هل الترجمات الجديدة دائما أفضل وأكثر قربا من القارئ الحديث، وهل كل الأعمال المترجمة من قبل بحاجة إلى إعادة ترجمة؟

** لا أظن أن ما يتغير هو لغة وأسلوب الزمن الذي تتم فيه الترجمة إلا إذا كانت المسافة الزمنية تُقَدَّرُ بفاصل أجيال عدة شأن ترجمة مُبْدَعٍ تمت في بدايات القرن الماضي ثم أعيدت اليوم. كما انه لا يسعنا القول إن الترجمات الجديدة أفضل أو أكثر قرباً من القارئ. إذ أن المسألة ترتبط على الدوام بمقدار اقتراب نص الترجمة من النص الأصلي المُتَرْجَم عنه.
أما بالنسبة إلى الأعمال التي سبق ترجمتها وحاجتها إلى الترجمة من جديد فينطبق عليها المعيار نفسه. فإذا ما اكتشف أن الترجمة القديمة لم تكن كافية في مدى اقترابها من النص الأصلي أو إذا كانت تنطوي على أخطاء كثيرة في فهم النص الأصلي كما هو الأمر مثلاً في الترجمة الفرنسية لمُبْدعات كافكا التي تمت عام 1938 والتي كان لابد من إعادة ترجمتها في نهاية القرن الماضي بسبب أخطائها العديدة التي جعلت طه حسين في حينه يكتب عن أدب كافكا تحت عنوان "الأدب السوداوي" في حين كان أصدقاء كافكا يضجون بالضحك حين كان يقرأ عليهم فصلاً من رواية له أتى على كتابته مثلاً!

* هل البعد الزمني عن النص الأصلي، يجعل المترجم يبتعد بالضرورة، عن دلالات النص الأصلي كما كان يقصدها المؤلف؟

** ليس بالضرورة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الترجمة تتطلب ثقافة واسعة إلى جانب المعرفة العميقة باللغتين اللتين يتم النقل بينهما.. ولكن، من ناحية أخرى، إذا اعتبرنا أن كل ترجمة لِمُبْدَعٍ ما هي قراءة تضاف إلى القراءات السابقة أو المعاصرة، فإن بوسعنا القول إن البعد الزمني قد يلعب دوراً في فهم الدلالات.. هل نفهمها في ضوء عصرها أم في ضوء عصرنا.. مدى المسافة هنا شديد الأهمية كما نرى.

* هل الأخطاء الفادحة في الترجمة، هي السبب الوحيد لإعادة الترجمة، ام أن هناك أسباب أخرى؟ وما الذي يدفع القارئ لإعادة قراءة كتاب بترجمة جديدة؟

** أخطاء الترجمة الفادحة في ترجمة عمل ما هي دون أي شك أحد الأسباب الهامة وربما الحاسمة في إعادة الترجمة. على أن الترجمة الجديدة تتوجه أساساً إلى القراء الجدد. هل يقرؤها من سبق له أن قرأ الترجمة القديمة؟ لا أدري فعلاً. يحتاج ذلك إلى استقصاء رأي. لكن القارئ الفضولي سيعيد قراءة العمل في ترجمته الجديدة لاسيما إذا كان من المبدعات الهامة. شخصياً سأقرأ الترجمة الجديدة لأرى مدى اختلافها عن القديمة وربما مدى دقتها أيضاً مقارنة بالنص الأصلي.. 

* هل للجانب التجاري دخل في إعادة ترجمة بعض الكتب؟

** يلعب الجانب التجاري لدى دور النشر الخاصة دوماً دوراً حاسماً في اختيار الكتب التي تريد إعادة ترجمتها؛ فهي بصورة عامة لا تختار من نشر ترجمات الكتب إلا ما تعتبره قابلاً للتسويق بسهولة وحسب ما هو رائج: الفلسفة الوجودية في خمسينيات القرن الماضي، ثم الماركسية وفروعها بعد ذلك، وفي نهاية القرن الماضي كل ما يتعلق بالإسلام السياسي والجهادي.. إلخ. لذلك لا تزال المكتبة العربية تعاني من نقص خطير في ترجمة أمهات الكتب في مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية وفي مجال المبدعات الأدبية.

* بعض الكتب ترجمت بشكل منقوص، تحت دعاوى العادات والتقاليد العربية، أو حرصا من المترجم/ المترجمة، على عدم ترجمة ما يسيء إليه أخلاقيا، لماذا لا تعاد ترجمة هذه الكتب بشكل كامل من مترجمين أكثر فهما وإدراكا لعملية الترجمة؟

** لابد من إعادة ترجمة مثل هذه الكتب التي أراد مترجموها تقرير ما هو صالح وما هو طالح نيابة عنا جميعاً نحن القراء. وذلك، على الأقل، لإلغاء نتائج جرائمهم الثقافية والفكرية وكذلك لإلغاء مزاعمهم الفارغة حول صلاحية النص أخلاقياً أو اجتماعياً.


** نشر ضمن تحقيق صحفي في جريدة العربي الجديد، يوم الأربعاء 7 كانون أول/ديسمبر 2016






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire