dimanche 17 avril 2016




حول الجوائز العربية

داليا عاصم / بدرالدين عرودكي

          * هل أضرت جوائز الرواية بالثقافة العربية؟     

** لا أظن أن الجوائز، قد أضرَّت أو يمكن أن تضر الثقافة العربية. لقد وجدت جوائز الرواية أول ما وجدت أساساً في الغرب، وكان هدفها، في المقام الأول، التشجيع على قراءة الرواية الفائزة أولاً والروايات الأخرى المتنافسة تالياً. وكان الإعلان عن الفائز وعن الروايات المتنافسة وما يرافق ذلك من ضجة إعلامية يستجيب بالدرجة الأولى لتطلعات الناشرين إلى تسويق منشوراتهم بكميات يتيح مردود بيعها ازدهارَ مهنتهم. لكنه كان في الوقت نفسه يستجيب لتطلعات الروائي أيضاً على صعيدين: كثرة القراء الذين سيقبلون على شراء الرواية بعد فوزها خصوصاً ومردود المبيعات الذي سينال حصته منه. ولذلك، وباستثناء الجوائز العالمية كجائزة نوبل، كانت القيمة المالية لمعظم الجوائز الأخرى في الغرب أتفه من أن تذكر. لكن بيع ثلاثمائة ألف نسخة من الرواية الفائزة مثلاً يمكن أن يعود على مؤلفها بمبالغ طائلة فضلاً عن التكريس الذي سيحصد ثماره مع مؤلفاته التالية.

سوى أنَّ جوائز الرواية في العالم العربي ليست على هذا النحو. فقيمتها المالية مغرية، ونتائج منحها على ازدياد النسخ المباعة وبالتالي على ازدياد عدد القراء لا تزال موضع تساؤل.

على أني لا أرى من حيث المبدأ على كل حال أي ضرر للجوائز في هذين المجاليْن، أعني النشر والكتابة، على الأقل. لكن السؤال يبقى إلى أي حدٍّ أدى منح الجوائز في عالمنا العربي، وهي جوائز لا تقتصر على الرواية كما نعلم بل تطال مختلف أجناس الكتابة، إلى رواج الكتاب. من المؤسف أن دور النشر العربية  بخلاف مثيلاتها في أوربا لا تقدم حسب علمي بيانات إحصائية عن مبيعاتها من هذا الكتاب أو ذاك أو عن عدد النسخ المطبوعة لدى كل طبعة بصورة دقيقة. لكن عدد طبعات بعض الكتب وحماس الناشرين لحصول منشوراتهم على الجوائز يحمل على الظن بأن الجوائز أو بعضها، ولاسيما جوائز الرواية، بدأت تعطي ثمارها. وهو ما ينتظره الجميع فعلاً في النهاية: أن يتكاثر القراء وأن تزدهر مهنة النشر..

* هل تسببت بقلة الاهتمام بالأنواع الإبداعية الأخرى كالشعر والقصة القصيرة؟

** إذا كانت الجوائز المخصصة للرواية تؤدي إلى مزيد من قراءة الروايات ولا سيما تلك التي تفوز بها فإنها بالتأكيد لا تتسبب بالحدِّ من الاهتمام بالأنواع الأدبية الأخرى. والحقيقة أن مكانة القصة القصيرة أو مكانة الشعر نادراً ما كانت في المقام الأول من اهتمام القراء باستثناء الكبار في المجاليْن، الذين كانت مواهبهم الاستثنائية لا تحتاج إلى جوائز من أجل ترويج دووانيهم أو مجموعات قصصهم القصيرة. هل كان نزار قباني أو محمود درويش مثلاً بحاجة إلى جائزة كي يبلغ عدد نسخ الطبعة الأولى من ديوان أحدهما خمسة عشر ألف نسخة تباع كلها في أشهر عدة مثلاً؟ وهل كان زكريا تامر أو يوسف إدريس بحاجة إلى جائزة كي تروج قصصهم ويُعرفوا بها على وجه الخصوص؟

ما أودّ قوله في النهاية هو أن لا شيء يمكن أن يقف في وجه الموهبة أو في وجه الإبداع الحقيقي، كما لا يمكن لإغراء الجائزة أن يصرف المبدعين الحقيقيين في هذا المجال أو ذاك عن مجال إبداعهم.

* هناك كمٌّ كبير من الروايات الصادرة في السنوات الأخيرة، هل هي تعبير فعلاً عن حاجة إبداعية أم أن الجوائز المغرية المخصصة للرواية لها دور في ذلك؟

** أرى في هذا الكم من الروايات الصادرة في السنوات الأخيرة ظاهرة صحية أياً كانت ضروب التفاوت في الأهمية أو في  مستوى الإبداعية في هذه الروايات المنشورة. لا يستجيب في رأيي هذا الكم من الروايات الصادرة في العالم العربي سنوياً إلى إغراء الجوائز المخصصة للرواية بقدر ما يستجيب إلى متطلبات حالة ثقافية عامة وراهنة هي نفسها حصيلة تطور تاريخي واجتماعي وثقافي طويل رسم َ تاريخ الرواية نفسُه في العالم العربي مسارَه، بدءاً من نهاية القرن التاسع عشر عندما طفق المترجمون ينقلون إلى العربية الروايات الفرنسية خصوصاً، (وكان الشيخ محمد عبده نفسه قد أشار إلى ولع الناس  في زمنه بالروايات)، وعلى امتداد القرن العشرين بصحبة مختلف رواد الرواية في مصر وسوريا ولبنان والعراق، وبفضل العمل الجبار الذي تمثل في ترسيخ فن الرواية في اللغة والأدب العربيين والانطلاق به على يديْ نجيب محفوظ، وصولاً إلى أيامنا هذه.

* ولماذا لا تلقى جوائز الشعر والقصة القصيرة الاهتمام كما هو الحال في المغرب؟

** ربما كان الشعر هو الأقل حظاً في مجال الجوائز. أما القصة القصيرة فقد كرست لها عدة جوائز في بلدان المشرق العربي وكان آخرها جائزة الملتقى للقصة القصيرة التي أطلقتها الجامعة الأمريكية والملتقى الثقافي في الكويت في نهاية العام الماضي. وباستثناء الكبار في المجالين، يبدو أنَّ الرياح في الغرب كما في العالم العربي لا تجري كما يشتهي الشعر أو القصة القصيرة!



** نشرت في صحيفة الشرق الأوسط ، ضمن تحقيق حول جوائز الرواية، الأحد 17 نيسان 2016، ص. 24.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire