طبيعة ومعايير الجوائز الأدبية
في العالم العربي
في العالم العربي
محمد عبد الرحيم ـ القدس العربي
1)
إبداء الرأي حول الجوائز الأدبية المعروفة في العالم العربي وكذلك حول جدواها أو
معانيها أو مراميها..
2) هل تعتبر الجوائز الأدبية في العالم العربي مُعبّراً حقيقياً عن العمل
الأدبي، أم تخضع لمعايير أخرى، وما هي المعايير التي تنتهجها لجان الجوائز، مع
مستوى الأعمال المتباين بشدة؟
بدرالدين عرودكي
ما هي الجوائز التي تمنح اليوم في العالم العربي؟ هناك
بصورة عامة الجوائز التي تمنحها الدولة لكتابها وفنانيها وعلمائها بعد مسار حافل
بالعطاء والإبداع، تتويجاً لسنوات من جهد أعطى ثماره ونال ما يستحقه من احترام
الجمهور واعترافه. وهناك الجوائز التي تمنحها إما مؤسسات عامة تابعة للدولة أومؤسسات
خاصة أو ذات طابع خاص أو شبه رسمية عن عمل أو مجموعة من الأعمال في مجال الإبداع
الأدبي، في الرواية أو في الشعر أو في البحث، وكذلك في مجال الترجمة.
وإذا كانت الجوائز الأولى التي تمنحها الدولة لا تضيف
شيئاً سوى تسجيل الاعتراف العام بصورة رسمية بمسار فني تحقق وفرض نفسه في الحياة
الثقافية أو الفكرية أو الفنية وكان له جمهوره، فإن الجوائز الأخرى ـ وهي خصوصاً
موضوع سؤالك كما فهمته ـ ليست بالضرورة كذلك. فهي تستهدف عموماً التعبير عن اعتراف
بهذه الموهبة أو تلك في مجال الإبداع الأدبي بما يكفل ـ من حيث المبدأ فقط ـ
التعريف بالكاتب روائياً كان أو شاعراً أو مسرحياً .. إلخ.
لكن المشكلات التي تطرحها هذه الجوائز الأخيرة متعددة.
فهي من ناحية تقدم في أغلب الأحيان مبلغاً مجزياً من المال لمن ينالها وينتهي
الأمر عند ذلك، إذ أن صداها، من ناحية ثانية، لا يزال يقتصر على جمهور المتنافسين
عليها وعلى من يلوذ بهم من الصحفيين ومن الناشرين، وأنها، من ناحية ثالثة، لم تنجح
حتى الآن في أن تطال جمهور القراء الواسع وهو ما يجب أن يكون الهدف الأول والأساس
لأي جائزة من هذا القبيل أصلاً.
لنأخذ جائزة الجونكور على سبيل المثال التي تمنح في
فرنسا منذ عام 1903، وهي ليست الجائزة الوحيدة بالطبع. قيمة هذه الجائزة النقدية التي
تعطى لمن ينالها لا تتجاوز مبلغ 10 يورو. لكن عدد النسخ التي تطبع من الرواية
التي تنال الجائزة يمكن أن يصل، وغالباً ما وصل ويصل، إلى ثلاثمائة ألف نسخة. هذا
يعني أولاً أن قراء العمل الفائز سيبلغ على الأقل ضعف عدد النسخ المطبوعة إن لم
يكن الضعفيْن، وهو الهدف الأمثل والأهم، وثانياً
أن الجزاء المادي سيتضاعف إلى حدٍّ لا يقارن مع أي مبلغ يمنح مثلاً من قبل
مختلف الجوائز العربية بفعل حقوق المؤلف على المبيعات من كتابه، وثالثاً أن هذه
الشهرة التي نتجت عن أصداء منح الجائزة تفتح الطريق واسعاً أمام انتشار وتوزيع
أعمال الكاتب القادمة بما يكفل له جمهوراً
واسعاً ودائماً. من السهولة بمكان والحالة هذه أن نتصور الحالة الثقافية التي تنتج
عن منح الجواز خلال موسم كامل كل عام حيث تنشط دور النشر والكتابات النقدية في الصحافة
وتزدهر المكتبات.. إلخ. وهذه حالة لم يعرفها العالم العربي حتى الآن رغم أن
الجوائز التي تشير إليها تمنح منذ عشرات السنين الآن. ومن هنا فإني لا أرى صراحة
أية أهمية لهذه الجوائز التي لا تقدم شيئاً في مجال إثراء الحياة الثقافية ولا تقوم
بالتشجيع على القراءة ولا تؤدي إلى ترويج هذا المبدع أو ذاك من خلال اجتذاب أعداد
جديدة من القراء..
في ضوء ما سبق، ما معنى أو، إذا شئت، ما جدوى أن نخوض
في الجانب الآخر من سؤالك؟
* نشر ضمن تحقيق حول الجوائز الأدبية في صحيفة القدس العربي يوم 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2014، ص.12.
http://www.alquds.co.uk/?p=255423
* نشر ضمن تحقيق حول الجوائز الأدبية في صحيفة القدس العربي يوم 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2014، ص.12.
http://www.alquds.co.uk/?p=255423
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire