mercredi 29 octobre 2014


جائزة نوبل والعرب *

 

داليا عاصم، صحيفة الشرق الأوسط

تحقيق حول ابتعاد جائزة نوبل عن الأدباء العرب، برغم الفرص الكثيرة التي أتاحتها العولمة لإزاحة الفواصل بين الغرب والشرق .
وأحاول في هذا التحقيق الوقوف على أهم الأسباب التي تمنع وصول أسماء الكثير من الأدباء العرب لنيل الجائزة  :
هل لأن الرواية أصبحت سلعة والطريق السهل للشهرة ؟ هل السبب في تراجع النقد الأدبي؟
تهميش الأدب الجيد؟ أم بسبب انحسار الترجمة وحصرها على أعمال كتاب بعينهم؟
وقد ردد البعض أن أدونيس وأمين معلوف أصبحا مرشحان أبديان للجائزة، في حين أنه لا توجد أي ترشيحات أعلنت من قبل الأكاديمية السويدية؟ وبرأيك من هو المرشح العربي الأحق بالجائزة؟

 

بدرالدين عرودكي

أرى من وجهة نظري أن علينا قبل أن نؤكد أو ننفي مسألة ابتعاد جائزة نوبل عن الأدباء العرب ـ كما تقولين ـ أن نعود إلى تاريخ هذه الجائزة منذ بدايتها عام 1901 وحتى الآن، والنظر في جنسيات من نالوها والثقافات التي ينتمون إليها واللغات التي كتبوا بها. لدينا حول هذا الموضوع التحليل الذي قامت به صحيفة اللوموند قبل عدة أسابيع على 114 حائز على جائزة نوبل، وكانت النتيجة استخلاص القواسم المشتركة بينهم التي أتاحت وضع عناصر صورة شبه نمطية لحامل جائزة نوبل تتضمن العناصر التالية: 1) أن يكون فرنسياً أو كاتباً باللغة الإنجليزية؛ 2) أن يكون أوربي الأصل؛ 3) أن يكتب مبدعات نثرية؛ 4) أن يكن من جنس الذكور.
على أن الأهم في هذا التحليل هو الانتماء القومي لحائزي الجائزة  واللغة التي يكتبون بها.
فإذا أخذنا الانتماء القومي، وجدنا أن الفرنسيين يأتون في المرتبة الأولى (15/114) في حين يأتي الإنجليز في المرتبة الثانية (12/114) والأمريكان في المرتبة الثالثة (10/114) وإذا أخذنا الانتماء إلى قارات العالم الخمس لوجدنا أن أوربا تأتي في المرتبة الأولى (77/114).
أما اللغة السائدة لدى الكتاب الحائزين على الجائزة فهي كذلك اللغات الأوربية: تأتي اللغة الإنجليزية في المرتبة الأولى (28/114) وبعدها اللغة الفرنسية (16/114) ثم اللغة الألمانية (13/114) ثم اللغة الإسبانية (11/114) ثمَّ تأتي بعدها اللغات الأخرى التي يتراوح عدد كتابها الذين مُنِحوا الجائزة من 1 (العربية والبرتغالية  والتشيكية  والتركية والعبرية) إلى 2 (اليونانية واليابانية والصينية والدانماركية) إلى 3 (النروجية) إلى 4 (البولونية) إلى 5 ( الروسية) إلى 6 (الإيطالية) إلى 7 (السويدية)..
من الواضح إذن في ضوء هذه الأرقام أن جائزة نوبل تبقى جائزة أوربية أولاً وغربية ثانياً، ولا تأتي عالميتها إلا من أخذها بعين الاعتبار  بين الحين والآخر اللغات الأخرى كما نرى من منحها لكاتب يكتب بلغة غير أوربية (شريطة أن تكون أعماله قد ترجمت على كل حال إلى إحدى هذه اللغات بالطبع ولاسيما أحد اللغتيْن الإنجليزية أو الفرنسية).
ذلك يقودنا إل الشق الثاني من تساؤلك. فالرواية التي تكتب بالعربية اليوم، أياً كان الرأي فيها، لا علاقة لها، بناء على ما تقدم،  بابتعاد جائزة نوبل عن الأدباء العرب. ذلك أن الجائزة لا تمنح عادة إلا للكاتب على مجموع أعماله لا على عملٍ بالذات حتى وإن صادف وأشارت اللجنة المانحة إلى عمل محدد في تقريرها. ومن ثم لا علاقة لمستوى الكتابة الروائية ولا لتراجع النقد الأدبي ولا لتهميش الأدب الجيد ولا بانحسار الترجمة بمنح الجائزة لكاتب عربي..
أما بالنسبة للشق الأخير من سؤالك فأود أن أسترعي الانتباه إلى أننا لو طبقنا الصورة النمطية التي رسمتها صحيفة اللوموند على الحائز على جائزة نوبل على أدونيس مثلاً لقلنا إنه لن يحصل عليها إلا باستثناء تاريخي..أعني الاستثناء الذي يؤكد القاعدة. إذ لا ينطبق عليه أيٌّ من العناصر الضرورية المتواجدة في الصورة النمطية لمن يحمل نوبل.. أما بالنسبة لأمين معلوف فإنه يملأ عددا من العناصر الضرورية لنيل الجائزة حسب الصورة النمطية المذكورة. لكنه إن حصل عليها فلن يعتبر بين الكتاب الكتاب العرب لأنه لم يكتب مبدعاته باللغة العربية (مثل نحيب محفوظ مثلاً) بل سيعتبر من الكتاب الفرنسيين نظراً لأنه لم يكتب إلا بالفرنسية ومن ثم فهو من الكتاب الفرنكوفونيين، فضلاً عن أنه عضو كامل العضوية في الأكاديمية الفرنسية.
يبقى أن أجيب على سؤالك الأخير: من هو المرشح العربي الأحق بالجائزة؟
ما أكثرهم وما أقلهم! لو كانت الجائزة تمنح لمن رحلواـ وما أكثرهم ـ  لكان الخيار شديد الصعوبة. ولو اقتصر الأمر على من هم على قيد الحياة لكان الخيار أكثر سهولة نظراً لضآلة العدد الذي لا أظنه يتجاوز ـ هذا إن بلغ ـ عدد أصابع اليد الواحدة!



*  نشر في صحيفة الشرق الأوسط، العدد 13119 بتاريخ 20 تشرين أول/اكتوبر 2014، فضاءات.
 
 
 
 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire