mardi 30 juin 2015


حول كتاب "معك" في طبعته الجديدة

 

 بمناسبة صدور الطبعة الجديدة من الترجمة العربية لكتاب سوزان طه حسين "معك" عن مؤسسة هنداوي بالقاهرة.
 
بدرالدين عرودكي
 
أجرى اللقاء: أحمد الليثي
 


* متى صدر كتاب "معك" للمرة الأولى؟
** صدر كتاب "معك" لأول مرة عن دار المعارف بمصر عام 1977، وكان ذلك بناء على رغبة السيدة سوزان طه حسين التي أرادت أن ينشر كتابها في دار النشر ذاتها التي نشرت أعمال طه حسين.
* هل ترجمتَ الكتاب بمبادرة منكَ أم كُلِّفتَ بذلك؟
** لم يكن الكتاب منشوراً بلغته الأصلية ــ الفرنسية ــ حين ترجمته، وبالتالي فلم يكن الأمر خياراً من قبلي كما أفعل حين أختار من الكتب المنشورة هذا الكتاب أو ذاك وأقترحه على الناشر. على أن لترجمة هذا الكتاب قصة رويتها في المقدمة التي كتبتها لطبعة المركز القومي للترجمة بالقاهرة التي صدرت عام 2009 وخلاصتها أن المؤرخ والاجتماعي الفرنسي جاك بيرك، وكان صديقا لطه حسين  ولزوجته، كان قد خصص درسه الأسبوعي في الكوليج دو فرانس إثر وفاة طه حسين عام 1973 ولمدة عاميْن متتاليين للحديث عن طه حسين ومستقبل الثقافة في مصر وفي العالم العربي. وكان هو من اقترح على سوزان طه حسين أن تكتب عن نصف قرن ونيف قضتها قرب عميد الأدب العربي حبيبة وزوجة ورفيقة درب، قائلاً لها إنه ما إن تنهي الكتاب حتى يقترح عليها أن تتم ترجمته علي يد كاتب سوري (وكان أن اختارني للترجمة) ومراجعة الترجمة على يد كاتب مصري تقدمي (وكان من اختاره لهذا المرحوم محمود أمين العالم)، وذلك لإضفاء البعديْن العربي (من خلال الأول) والمستقبلي (من خلال الثاني) على مُبدَع طه حسين.
جاء اختياري إذن على هذا الأساس. وحينما التقيت سوزان طه حسين في منزل مؤنس طه حسين بباريس دفعت إليَّ بالمخطوط مطبوعاً على الآلة الكاتبة راجية أن أقوم بالترجمة في أسرع وقت ممكن كي تشهد صدور الكتاب قبل أن يوافيها الأجل كما قالت لي آنئذ. والحقيقة أنها لم تكن ترى في نشر كتابها بالفرنسية فائدة تذكر. كانت تريد أن يقرأه قبل كل شيء كل من عرف طه حسين من العرب ومن قراء العربية حيثما كانوا..
*  ولماذا هذه الطبعة الجديدة التي تصدر عن مؤسسة هنداوي؟
** تأتي هذه الطبعة الجديدة لكتاب "معك" أساساً استجابة لرغبة ورثة طه حسين الذين عهدوا إلى مؤسسة هنداوي بنشر كافة مؤلفات طه حسين إلكترونياً كي يمكن تحميلها مجاناً من قبل أي قارئ في أنحاء العالم كله. وكان من المفروض تبعاً لذلك نشر كتاب سوزان طه حسين لاستكمال الحلقة. وفي تلك الفترة، أي عام 2011، كانت قد صدرت أول طبعة فرنسية للكتاب (أي بعد حوالي خمسة وثلاثين عاماً على صدور الترجمة العربية!) حافلة بالهوامش وبملحق يحكي حياة سوزان طه حسين وقصة لقائها بزوجها حين كان يتابع إعداد رسالة الدكتوراه في فرنسا في العشر الثاني من القرن الماضي. وحين اتصلت بي السيدة مها عون حفيدة طه حسين ثم مؤسسة هنداوي من أجل ذلك، اقترحتُ أن أضيف في وبمناسبة هذه  الطبعة الجديدة كل هذه الهوامش التي حفلت بها الطبعة الفرنسية. وتم الاتفاق على ذلك وقمت بإعداد النص الأصلي للترجمة بعد أن أجريت عليه تصحيح الأخطاء المطبعية في طبعاته السابقة وإضافة ترجمتي للهوامش ولملحق الكتاب وتكاد تبلغ في حجمها ثلثي الكتاب الأصلي وأودعت ذلك كله لدى مؤسسة هنداوي التي انتهت من إعداد نشر الكتاب في طبعتين: إلكترونية وورقية.
* بعيدًا عن ان طه حسين هو عميد الأدب العربى، ما الانطباع الذى تركته فيك زوجته عنه؟
** التقيت السيدة سوزان طه حسين مرة وحيدة عام 1975 في منزل ابنها مؤنس الذي دعاني للقائها ولاستلام مخطوط الكتاب من يدها مباشرة. لم يكن قد مضى على وفاة طه حسين أكثر من سنتين، لكني شعرتُ أنها لا تزال تعيش معه وبسببه ومن أجله، من أجل ذكراه، ومن أجل ديْن كانت تشعر بضرورة أدائه نحو الرجل الذي أحبته ورافقته حبيبة وزوجة ورفيقة وسنداً على امتداد أكثر من نصف قرن في جوٍّ من الاحترام المتبادل لم تنل منه مصاعب الحياة وطغيان المشكلات اليومية، أياً كانت طبيعتها. ولقد كانت ترى في كتابها الذي كتبته رسالة اعتراف بهذا الدين تنشرها على الملأ .
لقد رأيت في هذه المرأة مثال المرأة العاشقة والزوجة الودودة والرفيقة المؤنسة. ولا يمكنني أن أنسى هذا كله بعد أن رأيته بعينيّ في ملامح وجهها وفي بريق عينيْها ثم قرأته في كتابها الذي أعتبره على صعوبة تصنيفه ضمن نوع أدبي ما رسالة حبٍّ فريدة في الأدب العربي الحديث والمعاصر.
* لماذا يعد الكتاب مهمًا فى رأيك ؟
** ترتدُّ أهمية الكتاب الأساس في نظري إلى أنه يسرد بصورة حميمة قصة حب ولدت وترعرعت ودامت على امتداد نيف وخمسين عاماً في قلب ما كان المجتمع المصري يعيشه على الأصعدة كلها: سياسياً واجتماعياً وثقافياً في الداخل، وكذلك في علاقات هذا المجتمع مع الثقافات الأخرى في الشرق أو في الغرب. لكن أهمية الكتاب تقال على معان أخرى أيضاً. فهو يقدم لنا وجه طه حسين الإنسان العاشق، وطه حسين الأب، وطه حسين الزوج، وطه حسين الصديق..بعيون امرأة عاشقة.. ثمة زوايا ما كان لكتاب "الأيام" مثلاً على أهميته القصوى أن يتناولها في حياة طه حسين الشخصية وجاء كتاب "معك" كي يلقي الضوء عليها. وهو من ناحية أخرى يقدم لنا قصة زوجين مختلفين في كل مجال: في الأصول الاجتماعية وفي الانتماء الثقافي وفي الاعتقاد الديني.. لكن اختلافاتهما كانت عناصر إثراء لهما معاً ولقصة حبهما، ولحياتهما، انطلاقاً من احترام هذا الاختلاف ومن احترام حرية الآخر في أن يكون مختلفاً..
كل ذلك فضلاً عن جمال النصِّ ومتعة قراءته أصلاً، يضفي على الكتاب فرادته وأهميتة الاستثنائية..
* لم نعرف فى عالمنا العربى هذا النوع من الكتابة، أى كتابة الزوجات والأزواج عن بعضهما، هل ترى لذلك النوع أهمية؟
** لا يمكن اعتبار كتاب "معك" كتابة زوجة عن زوجها حتى ننتظر كتباً أخرى للزوجات عن أزواجهن أو للأزواج عن زوجاتهم! نحن أمام قصة فريدة بكل المعاني بأبطالها، وبزمنها، وبأحداثها، وبمعانيها. وسترى في الملحق المنشور في آخر هذه الطبعة الجديدة الذي حرره ناشرا الطبعة الفرنسية زينا ويجان وبرونو رونفار، أن هناك زوجات فرنسيات أخريات كتبن عن أزواجهن من المصريين. ولكن من يعرف كتبهن اليوم؟ نحن في حضرة طه حسين، وهذا في ذاته، استثناء لا يتكرر.
* أخيرًا هل وجدت صعوبة فى نقل مشاعر امرأة وزوجة من لغة إلى أخرى؟
** لا، لم أجد أية صعوبة لاسيما وأن كتاب "معك" كان الكتاب الثاني الذي أترجمه بعد الكتاب الأول الذي قمت بإعداده وترجمته ــ وكان كتاباً صعباً في الحقيقة آنئذ ــ وأعني به كتاب أنور عبد الملك "الفكر العربي في معركة النهضة" الذي نشرته عام 1974  دار الآداب ببيروت.
لا أكتمك أنني كنت أشعر بسعادة بالغة وأنا أقوم بترجمة هذا الكتاب. وكان هذا الشعور يغمرني كلما قمت بإعداده لطبعة جديدة كما حدث في عام 2009 عندما اقترح علي الدكتور جابر عصفور أن أفعل وأن أكتب مقدمة لتلك الطبعة الجديدة للكتاب تحكي قصته، أو كما حدث العام الماضي عندما أرادت مؤسسة هنداوي إخراجه مجدداً. ولا أذكر أنني ترجمت كتاباً بمثل السهولة والسلاسة التي ترجمت بها كتاب "معك" الذي حظيت ترجمته باستقبال كريم ودافئ من القراء المصريين والعرب أعتبره أجمل وأثمن مكافأة يمكن أن أتلقاها.
 
** نشر في جريدة القاهرة في عدد الثلاثاء 30 حزيران/يونيو 2015
 
 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire