عمر الشريف
سفير النجوم إذ يرحل*
بدرالدين عرودكي
لم
يكن لقب أمير الشاشة العربية ينطوي على أيِّ مبالغة. كان كل من يراه في مختلف
الأدوار التي أداها على امتداد نيف وستين عاماً، بدءاً من مصر ثم في أرجاء العالم
كلها، لا يتردد في التعبير عن إعجابه بحضور ساحر ما كان على ما يبدو في أوربا
وأمريكا منتظراً من شابٍّ قادم من مشرق ما أكثر ما سيم التعذيب والإذلال
والاحتقار. وهاهو يأتي "من هناك"، مفاجئاً أرباب السينما في مواطن
ولادتها بوسامته وتعددية ثقافاته فضلاً عن كبرياء لا تفصح عن نفسها إلا بنظرات عينيْن
كان يسكن في أعماقهما باستمرار حزن لن تمحوه سنوات من الأمجاد ومن الشهرة، حزنٌ كان
مشوباً بنبلٍ وسَم قصة حبٍّ، حقيقية، كان
الجميع يعلمها ويعلم كم كان أصيلاً في عيشها من قبلُ ومن بعدُ..
ذلك
ما رأيته يوم التقيتهُ للمرة الأولى ذات يوم من يناير 1988 وثبت في عينيَّ في
المرات التالية.
كان
عمر الشريف يملك كل عناصر الرمز الدالّ: الحرفية التي أتاحها له كبار مخرجي
السينما المصرية ثم كبار المخرجين الأوربيين والأمريكيين، والإطلالة العربية التي
جعلته يصير بين يوم وليلة معبود جماهير السينما في العالم، فضلاً عن الاسم الذي
يحمله والذي بات على كل شفة ولسان.. دون نسيان الأساس: دماثته وتواضعه وأريحيته
التي جعلته عميقَ الودِّ مع جمهوره..
انطلق
من مصر وحملها في قلبه حيثما رحل وعاد إليها مثلما انطلق منها عاشقاً وحبيباً..
وبين الانطلاق والعودة كان قد ترك في
أرجاء العالم ما لا يمكن أن ينسى : أدوراً رائعة في أفلام باتت من كلاسيكيات
السينما العالمية، وحضورا أليفا وحميماً تراه في عينيه.
حين
يلفظ الناس اسمه بحبور وإعجاب كانوا يعرفون من أين أتى.. وكان ذلك يكفي لمدّ
الجسور..
* نشرت في مجلة الهلال،
القاهرة، عدد آب/أغسطس 2015، ص.: 226
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire