vendredi 6 août 2021

سلام كواكبي

 

سلام كواكبي 

بدر الدين عرودكي 

كانت الفاتحة ابتسامة على غير انتظار أطلَّ بها عليَّ وجهٌ كنتُ أراه لأول مرة لكني اعرف اسم صاحبه: سلام كواكبي. بدت لي ابتسامة حميمة، عفوية، تكاد تقول الرجل وتسِمُ علاقة الصداقة التي ولدت بيننا، في نظري على الأقل، عند تلك اللحظة.

كان ذلك قبل ما يقارب ستة عشر عامًا تقريبًا في قاعة المجلس الأعلى بمعهد العالم العربي بمناسبة ندوة كان يشارك بها مع زملائه ذات يوم خميس. وعلى غير اتفاق مسبق، وجدتنا اعتبارًا من عام 2011، أصدقاء في العالم الأزرق الافتراضي، يتابع كل منا نشاط الآخر، ضمن عروة وثقى تجسَّدت في ثورة الشباب السوري من أجل استعادة الحرية والكرامة. 

ستمضي مع ذلك سنوات عدة قبل أن يفضي اجتماعنا الا فتراضي، أخيرًا، إلى اللقاء معًا وجهًا لوجه في مقهى باريسي. وكنت، على غرار لقاءات استثنائية أخرى لي فيما مضى أتمثلني حاسدًا نفسي، على أنني في حضرة حفيد المفكر السوري/العربي الأكبر: عبد الرحمن الكواكبي.

وشأن جدّه، صاحب "طبائع الاستبداد"، نذر قلمه منذ شهر آذار 2011،  لثورة كان يعيش انتظارها كل يوم منذ أن عاد بعد دراساته العلوم السياسية في فرنسا إلى مدينته حلب كي يدير فيها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، ويواجه يوميًا ضروب الرقابة التي كان يمارسها "الضمير" الذي أسندت إليه مهمة رقابة الفكر من قبل "القائد المؤسس"، الضمير المُجسَّدٌ في مختلف الدوائر الأمنية المنتشرة في طول سورية وعرضها.

في باريس، على إثر استقراره فيها آنئذ بعد مغادرته مدينته وبلده، كان، وهو يكتب بصورة شبه يومية حول كل ما يتعلق بالحدث السوري ويشارك في الندوات والمؤتمرات التي تقدم الثورة السورية وثوارها ومناضليها ويقدم ويحلل بإحاطة وشمول مجريات ما أطلق عليه يومئذ "المقتلة السورية"، لا يتوقف عن النشاط في كل موقع وفي كل ميدان مشاركًا في النضال ضد النظام الاستبدادي بدءًا من تأسيسه في نهاية عام 2013 المبادرة الإنسانية الإغاثية  "من أجل سورية جديدة" لدعم المبادرات المدنية داخل سورية  أو من خلال تواجده في إدارات جمعيات ومؤسسات اختصّت بالحدث السوري ثقافيًا أو اجتماعيًا. كما لو أنه يكرر على طريقته مسيرة جدّه عبد الرحمن الكواكبي الذي لم يكتف بالعمل على ترجمة كتابه "طبائع الاستبداد" إلى الفرنسية، بل سيعيد التذكير بتفاصيله  عبر نثرها يوميًا على صفحته في الفيسبوك وهو يبيّن لنا إلى أي حدٍّ لا يزال هذا المفكر الكبير يعيش بيننا وكم أن نصوصه لم تفقد ذرة من حيويتها وصلاحيتها  رغم مرور قرن ونيِّفٍ على كتابتها..

كلما قرأت هذه المقتطفات أتذكر الابتسامة التي واجهني بها قبل أن يلتقي بي. وكلما تذكرت هذه الابتسامة أعيد في خاطري صوغ جملة قالها لي صديق ذات يوم: "السوري ــ عضد ــ لأخيه السوري".

 

** نشرت هذه الكلمة في موقع "حكاية ما بتنحكى" بتاريخ 7 آب/أإسطس 2021.

https://syriauntold.com/2021/08/06/%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D8%A7%D9%83%D8%A8%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%AA%D9%82%D8%AF-%D9%83%D9%84-%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%88-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%BA%D9%8A%D8%B1/?fbclid=IwAR3YCgHKpq0hbygv49rRbF2KCs86NfDNJ55BPh9wSAcih6_InaKdhBqPPyI